الحي في مواجهة الموت

الحي في مواجهة الموت

بقلم أماني فوزي

 

القيامة والحياة

نواجه الموت في كل يوم، نواجه الفراق وبعد الأحباء، نحزن ونبكي لأنهم رحلوا... نتألم ولا نرغب في التعزية...  

في يوم من الأيام واجهت مرثا وأختها مريم الموت، فقد مات لعازر (يوحنا 11).

استدعوا المعلم وقالوا له حبيبك لعازر قد مات، وعندما وصل وقفت مرثا أمامه تحاول أن تتذكر الكلمات التي سمعتها منه، وقفت تحاول أن تتذكر ما قاله لها لعازر وماقالته لها مريم. ثم قالت في محاولة للتماسك: في القيامة سنقوم جميعًا في اليوم الأخير.

عندئذ قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا،
 
وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ. أَتُؤْمِنِينَ بِهذَا؟
 
قَالَتْ لَهُ: «نَعَمْ يَا سَيِّدُ. أَنَا قَدْ آمَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، الآتِي إِلَى الْعَالَمِ (يوحنا 11).


 


 

 

لعازر هلم خارجًا

وقف يسوع أمام قبر لعازر، حزن يسوع على حزن مريم، لما رآها تبكي ومن معها يبكون، انزعج يسوع واضطرب. وعندما رأى أين وضعوه: بكى يسوع.

بكى يسوع عندما رأى الموت، عندما أخذ الموت لعازر، بكى يسوع لما رأى نهاية حياة، بكى يسوع على حزن من حوله، تعاطف معهم، بكى يسوع على البشرية، ونهاية كل نفس حية، بكى على خطة الأبدية التى أرادها للبشر واختاروا هم الانفصال.

قال لهم: ارفعوا الحجر!

رفعوا الحجر حيث كان الميت موضوعًا منذ أربعة أيام وانتن، قال لهم ارفعوا الحجر فأنا الحياة، لا موت أمامي. وصلى وصرخ بصوت عظيم: لعازر، هلم خارجًا!!!

فخرج الميت وَيَدَاهُ وَرِجْلاَهُ مَرْبُوطَاتٌ بِأَقْمِطَةٍ، وَوَجْهُهُ مَلْفُوفٌ بِمِنْدِيل. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: "حُلُّوهُ وَدَعُوهُ يَذْهَبْ"

 

واجه يسوع "القيامة والحياة" الموت، وأخرج الميت خارجًا وحرره.

خرج الميت ويداه ورجلاه مربوطات بأقمطة، ووجهه ملفوف بمنديل!!!!

خرج الميت في الصباح من بيته ويداه ورجلاه مربوطة ....

خرج الميت من مكتبه ويداه ورجلاه مربوطة...

خرج الميت من عيادته ويداه ورجلاه مربوطة...

 

كل يوم يخرج أموات كثيرون من أماكن مختلفة يسيرون في الطرقات تربطهم الخطايا ويتحكم فيهم الشر.  

يخرجون أمواتًا يثيرون الذعر في من حولهم، يبحثون عمن يحل قيودهم ولا يجدون.

يخرجون أمواتًا يبحثون عن "الحياة" ليستمتعوا بها فيجدون من حولهم أيضًا مقيدون.

 

للموت علامات

قالت له يا سيد له أربعة أيام وقد انتن:

تفوح من الأموات رائحة، تغطى رائحة أجسادهم على كل شيء، تكون الغلبة في الميت للجسد حيث فارقته الروح، تكون الغلبة في الميت لجسده حيث لم يعد فيه ما للروح وما يمكن للروح أن تتطلع إليه.

يبقى في مكانه أيامًا لا يتحرك، لا يقوى على الحركة ولا على تغيير واقعه، ربما فقد كل الرغبة أيضًا.

مربوط ومُقيد وهو لا يدرى، مربوط ومُقيد ومطروح وهو لا يشعر، مربوط بالرغبات والشهوات، مربوط بالمخاوف والقلق ينهشه، تقيده أشياء كثيرة، تحيط به أربطة، ربما بدت في البداية بيضاء ناصعة البياض، تفوح منها رائحة بعض العطور، ولكنها سرعان ما تكشف عن قبحها كقيود تعجزه عن الحركة.

يقبع في الظلام، وجهه ملفوف بمنديل، لا يرى شيء ولا يرى النور.  بعيدًا عن النور لا توجد حياة: وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ، وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْه، في الظلمة يرقد الميت وعلى بابه حجرًا ثقيلاً يحتاج أن يدحرجه كثيرون ليدخل النور، بصيصًا من النور: النور الحقيقي الذي ينير لكل إنسان، ويمنحه بعض الأمل.  

في الخارج الأحياء ينظرون من بعيد، يحزنون ويبكون عليه، ولكنهم يخشون الاقتراب، الرائحة قوية، فقد انتن.

ولكن الأحباء أحيانًا يداخلهم الأمل، فيهرعون إلى المعلم، يطلبون التعزية، يعلمون أن عنده إجابة على تساؤلاتهم: هل هذه هي النهاية؟

عندئذ يجد الموت نفسه في مواجهة الحياة...  

عندئذ يصرخ يسوع قائلاً للميت: هلم خارجًا، وعندما يخرج إليه مربوطًا، يأمر بحله ويدعه يذهب، يأمر بفك قيوده ويطلقه حرًا.