النجمة

النجمة

أنظر إلى السماء اليوم ليلاً، واختر نجمة تعتبرها هي التي أوصلت المجوس لطفل المذود. ركّز بصرك عليها، وحاول ألا ترى سواها. من بعيد تظهر ضئيلة وكأنها وُلدت للتو. ولكن كلما أمعنت نظرك نحوها تزداد حجماً حتى تكاد تملأ السماء. وحين تشعر أنها قد كبرت بما يكفي أمامك، أغمض عينيك واحتفظ بصورتها. تخيّل أنها تركت السماء، ونزلت ببطء ولطف إلى قلبك، أشعر بالحرارة التي قد أتت بها.

ومع النجمة راجع حياتك، وُلد الله يوماً في قلبك مثلما وُلدت النجمة يوم أتى المسيح إلى الأرض. حاول أن تتذكر يوم ولادته في قلبك أنت، يومها لمسك في موضع لا أحد يعرفه غيرك أنت وهو، شعرت أنك قابلت إله... شخص... حي... يتكلم، شعرت بأنه يحبك. قد يصعب أن تشعر بأن الله يحبك، رغم أنك تحبه، وحبه يكبر فيك تماماً كما تكبر النجمة.

 ومع دفء النجمة راحع السنة الماضية، لأنه بدون حرارتها ستظل مراجعة حياتك مجرد محاكمة ذاتية. تذكر أن لمسة نجمة الميلاد تحمل دائماً السلام والعذوبة لا الاضطراب والقلق. تذكر الأحداث المهمة خلال السنة... ما هو شعورك تجاه هذه الأحداث اليوم؟

 


وكما أوصلت النجمة المجوس إلى بيت لحم، ستوصلك إلى طفل المذود. خذ الوقت الكافي لتنظر إلى المكان الذي قادتك إليه: الناس الموجودين... الطفل الرضيع نفسه. يصعب أن أتخيل الله محتاجاً إلى الأكل والرعاية والحنان، مستسلماً بين يدي أمه وأبيه، فرحاً بلمسة أو لفتة منك أو مني...


 

 

قد تجري نحوه لتحدثه عما تشعر به الآن حيال السنة الماصية وأحداثها، عما ترجوه للسنة القادمة... قد تطلب منه شيئاً محدداً أو مبهماً، فماذا تطلب وبما تشعر الآن؟

يبدو طفل المذود منصتاً لما تقول، ولكنه يلتفت حوله باحثاً عن هديتك بين هدايا المجوس. ربما لم تكن تتوقع هذا البحث أو التساؤل، ولكن لا تهرب منه، فطفل المذود يعلم يقيناً أن لديك له هدية. وأياً كان ما ستقدمه، فالمهم أنه يأتي بالفعل منك بكل محبة. وتأكد أنه سيكون سعيداً بما أتيت به، فهو طفل.

وقبل أن تودعه، أترك له بطاقة مع الهدية، وأشكره لأنه يأتي اليوم أيضاً في العالم كله وفي قلبك. وبهدوء افتح عينيك وأعِد النجمة إلى السماء وودعها هي أيضاً، وربما ترفض أن تتركك.

وإن لم تكبر نجمة الميلاد ولم تترك السماء لتأتي إلى قلبك، فانظر إليها وتمنى أمنية، أنا شخصياً أتمنى لك أموراً كثيرة لن أبوح لك بها.

وإن لم تجد النجمة في السماء، لا تحزن. فقط كلم يسوع الطفل الصغير وأسأله: "أين نجمتك؟ هل نسيتني هذا العام؟" لا تخشى من غضبه وإن لم تصدقني فافتح المزامير.

وأخيراً أعذرني إن كان حديثي طفولياً، وعزائي أن "من لم يقبل ملكوت الله مثل طفل لا يدخله" (مر 10/15).