صلوات نسائية... تقدمة أُم وصلاة المرأة الفولاذية

woman praying

إعداد سمر شنودة
عن كتاب للأب ريمون بوتريل (*)

تقدمة أم

"يارب القوات، إن أنت نظرت إلى بؤس أمتَك وذكرتني ولم تنسَ أمتك
وأعطيت أمتك مولوداً ذكراً أعطه للرب لكل أيام حياته،
ولا يعلُ رأسه موسى" (1 صم 1/ 11)

كل ميلاد هو عجائبي

يتكرر السيناريو نفسه في العديد من نصوص الكتاب المقدس، ونتذكر سارة وراحيل وأم شمشون وأليصابات وربما أخريات. كانت حنة أم صموئيل مثلهن: زوجة محبوبة ولكنها عاقر، حزينة تكاد تقتلها الغيرة، تحيا على أمل مولود ذكر يرفع عنها المهانة، وتكون على حد قول المزمور: "كشجرة مغروسة على مجاري المياه تؤتي ثمرها في أوانه".

كانت حنة تنتظر من سنة إلى أخرى عند صعودها إلى بيت الرب مع زوجها وضرتها الولّادة. وكانت لا تأكل ولا تكف عن البكاء. وزاد حزنها أن فننه ضرتها كانت تستغل الموقف لتغضبها وتسيء إليها. إنها غيرة نسائية! ولا يخطرن على بال أحد أن الغيرة صفة شريرة بل هي تجربة مريرة، حتى إن حنة كانت تبكي دون انقطاع.

" يارب القوات
إن أنت نظرت...
أعطه للرب لكل أيام حياته"

صلاة شرطية مثلما فعل قبلها يعقوب: "إن كان الرب معي... يكون الرب لي إلهاً. صلاة الفرصة الأخيرة، وإن استجاب لها الرب وأعطاها ابناً، فهي مستعدة أن تعيده له: هذا هو الثمن وهي على استعداد لدفعه.

وبينما كانت تصلي في نفسها وتبكي بكاءً مراً كعادتها كل سنة رآها هذه المرة الكاهن عالي، واندهش وهو يراقبها تصلي إذ ظنها للوهلة الأولى سكرى، ولكن بعد أن سمع شكواها قال لها في حنان: "امضي بسلام وإله إسرائيل يعطيك بُغيتك التي التمستها من لدنه".

وذهبت المرأة وقد تغير وجهها إثر كلمات الأمل التي سمعتها، "وأكلت ولم يعد وجهها كما كان". واستجاب الله لدعاها وأعطاها الرب صموئيل وخمسة آخرين.

للصلاة:

كلمات أمل

ما هي كلمات الأمل التي أقولها من قلبي؟ إلام أوجهها؟ ما هي كلمات الأمل التي لا أستطيع أن أقولها؟ لماذا؟
ما هو رد فعلي تجاه كلمات الأمل التي تقال لي؟

يهوديت المرأة الفولاذية

"إنك إله الوضعاء ومعين الصغار
ونصير الضعفاء وحامي المهملين
ومخلص اليائسين وأمنح يدي أنا الأرملة القوة التي أرتقبها".

وحدها من أجل الآخرين

يختار الله من بين المهملين، واعتدنا من خلال الكتاب المقدس على نموذج معين للأرامل: أرملة إيليا، أرملة قاضي الظلم، أرملة نائين، أرملة الفلسين... كلهن أرامل تقيات ولكنهن في موضع ضعف أو ظلم أو فقر.

ولكن يهوديت أرملة من نوع آخر فهي ثرية رائعة الجمال، عرفت لتقواها وذكائها، حتى إن شيوخ بيت فلوي – بلدتها – شهدوا لها بذلك: "إن حكمتك لم تظهر في هذا اليوم فقط بل منذ أول أيامك عرف الشعب كله ذكاءك وحسن ما يتصوره قلبك؟"

وحدث في ذلك اليوم أن عطش الشعب جداً حتى كاد يموت عطشاً، إذ كانت البلدة محاصرة من الجيوش المعادية التابعة لنبوخذ نصر، وانقطعت الأمطار وجفت الآبار. ولم يعد هناك أمل إلا أن يستسلموا للحصار، فتفتح ثغرة لدخول الماء إلى سائر أنحاء البلد وإلى أورشليم، أو أن يتدخل الله بمعجزة فتمطر السماء. فاتفق الشيوخ والرؤساء على أن ينتظروا المعجزة خمسة أيام ثم يسلّموا المدينة بعد ذلك إلى الأشوريين.

اختلاف في الرؤية

وكانت يهوديت وحدها تختلف معهم في الرأي. "والآن فإنكم تمتحنون الرب القدير، فلن تفهموا شيئاً للأبد. لأنكم لن تكتشفوا أعماق قلب الإنسان ولن تدركوا أفكار ذهنه، فكيف تهتدون إلى الله الذي صنع كل ذلك وتفهمون فكره وتدركون تدبيره؟ لا، يا إخوتي، لا تثيروا غضب الرب إلهنا. فإن لم يشأ أن يغيثنا في الأيام الخمسة، فله سلطان به يحمينا في الأيام التي يشاء أو يبيدنا أمام أعدائنا" (يهو 8/ 13 – 15).

ويبدو أن ليهوديت خطة أخرى تنقذ بها مدينتها وتحمي أورشليم، فهي تعمل بدافع إحساسها بالمسؤولية العاتية، "فإن قبض علينا قبض كذلك على اليهودية كلها، ونهب مكاننا المقدس"، "والآن يا إخوتي لنُظهر إلى إخواتنا أن نفوسهم منوطة بنا، وأن المكان المقدّس والمذبح معتمدة عليكم".

ولذلك فإن صلاة يهوديت تتميز بخاصتين، أولهما أنها صلاة شخص وحيد عنيد: مثلها مثل صلاة يعقوب في بيت إيل وإيليا في حوريب. وتتميز أيضاً بكونها صلاة من أجل الخير العام، وهذا يجعلها قريبة من موسى ويشوع وسليمان وحزقيا ونحميا... فهي تشبه صلوات زعماء كلفوا بتسيير أمور شعب إسرائيل غير أن يهوديت لم تكن بزعيمة بل تتصرف بدافع من إحساس داخلي يسعى للخير العام.

للصلاة

صلاة من أجل هَمّ جماعي

  • هل أتأثر بالأحداث من حولي وأدخلها إلى صلاتي؟
  • ما الذي استطعت تغييره من حولي: - في نفسي – في عائلتي – في عملي – ما هو تأثيره في المجتمع ؟ ولماذا؟
  •  ما هي علامات اليأس التي أراها حولي؟ كيف أعيشها؟ هل يمكن تغيير هذه العلامات ؟

قدّم لله رؤاك – حتى لو كانت فردية – لما تراه الخير العام.

(*) عن كتاب "Vers Toi Ils Ont Crié" للأب Raymond PAUTREL اليسوعي الصادر عن مجلة رفاق الكرمة الفرنسية Supplément Vie Chrétienne n. 375