خبرة عيد الميلاد في مجموعة طقطقة بالقوصية

 

جاءت الفكرة من سؤال طرحناه قبل العيد بفترة " كيف سنعيش الميلاد هذا العام ؟ "

ففكرنا في ان تكون رسالتنا في هذا العيد هي توصيل فرحة العيد ، فرحة ميلاد يسوع لاشخاص لا يعيشون او يشعرون بالعيد مثل باقي الناس ... قررنا ان ناخذ دور الماجوس في قصة الميلاد ونذهب لزيارة يسوع، يسوع الفقير المعاق الذي لا يخرج من بيته، العجوز المقعد، المريض.. وفي زيارتنا سنقدم هدايا بسيطة لأنه لم يكن هدفنا تلبية الاحتياج المادي (فالفقراء في العيد يتلقون الكثير من العطايا المادية من الكنيسة والراهبات) ولكن هدفنا هو الاحتياج النفسي المعنوي، بأننا سنقضي العيد مع هؤلاء الأشخاص ونوصل لهم فرحة الميلاد في بيوتهم. وبالفعل جلسنا مع احدى الراهبات وأخذنا منها عناوين خمس حالات فقيرة مقعدة وبيانات عن كل بيت حتي نتمكن من تحضير الزيارات لكل منها وطلبنا أيضا أن يكون معنا واحد من الخدام الذين يعرفون هؤلاء الأشخاص حتي يكون الأمر سهلا عليهم، وكانوا ثلاث حالات في القوصية وحالتين في قرية تبعد عنا نصف ساعة بالسيارة. وبناءا علي البيانات التي أخذناها عن كل بيت بدأنا التحضير لهذا اليوم، كلنا كنا متشوقبن أن يأتي يوم العيد بسرعة، هذا الاحساس لم اختبره في حياتي بهذا العمق من قبل. وجاء يوم العيد، تجمعنا في دير الراهبات السعة 9صباحا ومعنا أكياس الهدايا والفاكهة ووضعنا حاجة كل بيت على حدى، وقبل التحرك دخلنا "الكابيلا" لنصلي ونأخذ قوة من الله لأن كل ما نعمله هو به وفيه وله. كانت صلوات عميقة جدا طلبنا من الله أن يساعدنا في توصيل بشرى الميلاد لهؤلاء الأشخاص وأن يقبل زيارتنا وهدايانا المتواضعة لنعيش حدث الميلاد بالفعل. بعدها مباشرة سحبت واحدة من مجموعتنا عشوائيا آية من الآيات الموضوعة في علبة في الكابيلا علي نية المجموعة واليوم، ففوجئنا بالآية التي أثرت فينا جدا " كل ما فعلتم بأحد اخوتي هؤلاء الصغار فبي قد فعلتم "..كان تجاوب ورد سريع جدا من ربنا لصلاتنا وفرحنا جدا وشعرنا بقوة غير عادية تدفعنا للانطلاق، انطلاق نحو شئ مجهول، لم نكن نعلم ماذا سنفعل او بماذا سنتكلم في هذه البيوت وكيف سيقابلنا الناس ولكن الروح القدس الذي فينا قام بكل شئ علي أكمل وجه. بكل منزل عشنا خبرة مختلفة ومعني عميق وجديد في حياة كل واحد منا ولن يسعني المجال ان اكتب عنها بالتفصيل.

ولكن بالنسبة لي كنت أشكر الله طول اليوم علي النعم التي أعطاني اياها والتي أحيانا كثيرة لا أشعر بقيمتها. أثناء رجعونا في العربية عبر كل واحد منا عن سعادته وعما شعر به خلال اليوم، والمواقف التي حدثت معنا في كل بيت وفرحة الناس بزيارتنا، وتدخلات الله من خلال مواقف واضحة جدا طول اليوم، ثم تذكرنا كيف كنا نعيش العيد قبل ذلك، مجرد مظاهر احتفالية لا تترك فينا أي فرح عميق، وتمنينا لو أننا نستطيع أن نخبر الناس عن فرحة العيد الحقيقية وأن هناك ما هو أعمق وأكثر سعادة وهو معايشة روحانية العيد. واكتشفنا أنه بالرغم من أننا مختلفين الا أننا في النهاية قمنا بعمل واحد، فمنا من يعرف أن يلعب مع الأطفال، ومنا من له القدرة علي التحدث مع المرضى والعجزة، ومنا من يعرف أن يصلي في نهاية الزيارة، ومنا من يبتسم ويصمت ويتأمل.. هذا هو عمل الفريق وهذه هي حياتنا الجماعية، لو كان كل واحد منا بمفرده لما استطعنا أن نفعل هذا. وفي النهاية أخذنا نشكر الله بالترانيم والتصفيق بصوت عالي ((شكرا لله الذي يقودنا...اذ نسعي عنه كسفراء))، أول مرة في حياتي أرنم بهذا الفرح، وأيضا ترانيم الميلاد (خاصة ترنيمة ليلة الميلاد التي تعبر كلماتها عن العيد الذي عشناه)، وتمنينا لو أن اليوم لم ينتهي واتفقنا أن يكون هذا عيدنا دائما وهذا مجرد بداية.. دا أحلي عيد قضيته في حياتي، شكرا لمجموعتي، أنا بحبها جدا.

                                                                                                                          برناديت مـاجد    

(مجموعة طقطقة)