يوم جماعة الرفاق الكرمة العالمية 2015

"وكانت أمّ يسوع هناك

فدُعِيَ يسوع أيضًا وتلاميذه إلى العرس" يوحنا2: 1-2

أيّها الأصدقاء الأعزّاء والصديقات العزيزات في الرب، عائلة جماعة الحياة المسيحيّة العالميّة العزيزة،

يوجّه إليكم المجلس التنفيذيّ العالميّ أحرّ التحيّات.

بمناسبة السنة المخصّصة للصلاة والتفكير حول العائلة، بين السينودس الاستثنائيّ في تشرين الأول أكتوبر 2014 والسينودس العاديّ في أكتوبر 2015، نحتفل باليوم العالميّ لجماعة الحياة المسيحيّة مع مريم، مع توجيه أفكارنا من عرفان جميل وانفتاح واندهاش نحو العائلة، نحو العائلات، الّتي هي هديّة ودعوة في حياتنا في نفس الوقت.

إن جماعة الحياة المسيحيّة نشيطة بطرق مختلفة في حقل الرسالة المتعلّقة بالعائلة، وذلك بصفتنا أعضاء عائلة قبل كلّ شيء. نحن كلّنا معنيّون، بطريقة أو بأخرى، في تعزيز ظروف أفضل للعائلات، في جميع أنحاء العالم. وهناك عدد كبير من أعضائنا الملتزمين شخصيًّا في الدراسة أو الرسالات الأخرى من شأنها تحديد التحدّيات التي تواجه العائلة في زمننا الحاضر، ومواجهتها والتغلّب عليها، في سبيل البلوغ إلى حياة أكثر امتلاءً للجميع. فنحن ممتنون لهذه الهديّة الرائعة، ولهذه الدعوة إلى التعمّق في التزامنا مع العائلة وفي خدمتها، محلّيًّا وعالميًّا.

خلال اجتماعنا كجماعة عالميّة في بيروت، حدّدنا ببعض الكلمات البسيطة محورَين أولويَّين لدعوتنا في خدمة العائلة، وهما:

-

إظهار الانفتاح والرحمة والاحترام والحساسيّة تجاه مختلف الوقائع العائليّة لدى البعض؛

-

وضع برامج تدريب للأزواج والعائلات، بالتعاون مع الآخَرين.

لكنّ هذين المحورَين متطلّبان جدًّا، إذ يستدعيان إجابات عاجلة ودقيقة، بالإضافة إلى برنامج عمل على المدى الطويل.

احتفال

1.

لدينا الكثير من الأسباب للأحتفال بما صنعه الربّ معنا ولنا في قلب عائلاتنا الصغيرة. ونحن نعي أنّها من الأمكنة الأولى والأوّليّة حيث يرسلنا الله، لذا فانّ مشاركة خبراتنا الفرحة يمكنها أن تجعلنا منفتحين على اندهاش دائما أكبر تجاه عمل الله في عائلاتنا. نحن نتلقّى كعطيّة من الله عائلتنا وكلّ من هم أعزّاء لدينا. فلنحتفل بهذا الواقع ولنعمل على نموّ الحبّ الذي نكنّه لهم. هناك الكثير من الأشياء للمشاركة في هذا الإطار بروح من التواضع والانفتاح والعرفان.

2.

يمكننا أن نفرح بالإجابات الكثيرة والمدهشة التي تقدّمها جماعة الحياة المسيحيّة لنداء العائلة، على المستوى المحلّيّ والوطنيّ والعالميّ. الكثير من أعضاء الجماعة ملتزمون أيضًا في خدمة عائلات أبعد من عائلتهم الصغيرة. في بعض الجماعات نستقبل ونقوم بخدمة أشخاص يعيشون واقعًا عائليًّا مختلفًا. فلنحتفل بهذا الامتياز بأنّنا مرسلون إلى هذه الحدود، حدود العائلة. مرّة أخرى أيضًا، ندعو جماعتنا لمشاركة الخبرات السعيدة في الرسالة إزاء وقائع عائليّة مختلفة، وذلك بروح من الانفتاح والعرفان والجهوزيّة المتزايدة لاستقبال حركة روح الله.

لدينا الوعي، في بلداننا كافّة، لضرورة الاهتمام بالأشكال غير التقليديّة للعائلات، حتّى لو اختلفت هذه الأشكال بين بلد وآخَر. هذه العائلات تقوم بخبرة العيش بالقرب من جماعاتنا المؤمنة. وهي لا تحظى بقدر أقلّ من حبّ الربّ، الذي يريد أن يجذب إليه كلّ الرجال وكلّ النساء حتّى قلب قلبه، حيث حبّ الله معطى بالكامل ( متّى23: 37). إنّ البعض من أعضاء جماعتنا يذهبون إلى الحدود حيث لديهم شجاعة الاعتناء بالآخرين. هذا الاهتمام بدأ نتيجة تفكير جدّيّ مع عائلات غير تقليديّة أو مع أعضاء منها، ممّا سمح لنا بالاستفادة من الحكمة المأخوذة من خبرتهم الملموسة، ومن سرّ الفصح الذي يعيشونه في رسالتهم اليوميّة. إنّ الكثير من المسيحيّين الذين يعيشون في قلب عائلات غير تقليديّة يشهدون لحبّ الكنيسة، في حين أنّ كثيرين آخرين منهم يشعرون بأنّ الكنيسة لم تكن قادرة على مساندتهم، أو حتّى أن تكون إلى جانبهم.

هل نحن مستعدّون للاحتفال بهذه العلامات لعمل الروح؟

3.

نحن ننمو في وعي وفهم ضرورة تطوير ومشاركة أدوات لمساندة أعضاء العائلات في الأوضاع المختلفة، والأشخاص الذين يحبّونهم. لقد طوّرنا في بعض البلدان تقليدًا صلبًا في الرسالة لخدمة العائلات، ولدينا بهذا الخصوص موارد يمكن مشاركتها مع الجماعة العالميّة.

4.

في الوقت الحاليّ، نشعر بدعوة، مع كلّ الكنيسة، لنسأل أنفسنا لمعرفة ما يمكننا القيام به أكثرفي هذا المجال المميّز.

التحدّيات

1.

ما من واقع كامل لأيّ من عائلاتنا الخاصّة. في الواقع، كلّ عائلاتنا  تنمو مع الكثير من النواقص. كلّنا بحاجة للرحمة والدقّة التي دعتنا اليها توصيات لبنان. البعض منّا يعيش خبرة الوحدة، أو الخيبة، وأحيانا نوعًا من العزل بسبب بعض نواحي وضعهم العائليّ. كلّ منّا يستطيع أن يطرح على ذاته هذه الأسئلة: هل لديّ الوعي لهذا الواقع؟ هل أقبل الهشاشة والانشقاقات التي تؤثّر على طريقتي في العيش في عائلتي ومعها؟ كيف يمكنني أن أتعلّم الكلام والمشاركة حول هذا الضعف؟

في مشاركاتنا حول العائلة، علينا أن نعي ضرورة النموّ بروح من الرفقة والرحمة في مواجهة الصعوبات التي تعترضنا. ما هي درجة استعدادنا، كأفراد وكجماعات، للتبادل في موضوع تجارب خيبة الأمل؟ كيف يمكننا تطوير مهارات للعيش معها وللتبادل حول خيبات الأمل التي نعيشها في عائلاتنا وفي جماعاتنا؟

2.

إنّ الكثير من العائلات والأفراد ليس لهم القدرة على البقاء ضمن جماعتهم المؤمنة بعد عيشهم لخبرات ينظرون إليها على أنّها فاشلة، ربّما لأنّنا نضع الفشل خارج نطاق محادثاتنا، خصوصًا عندما يتعلّق الأمر بالزواج والعائلة. ربّما لدينا نهج لا يقبل الفشل عن العائلة في جماعاتنا، وطبيعة هذا النهج لا ترحّب  باستقبال ومساندة من هم في صعوبة، أو من لديهم شكل حياة عائلية لا نفهمه أو لا نؤيّده أو لا نعيشه. وربّما نحن بحاجة إلى تثبيت شبكات أمان لأولئك الذين هم مختلفون، أولئك الذين يمكن اعتبار تجاربهم كأنّها فشل. إنّ مريم، أمّنا ومثالنا، ويمكنها تثقيف قلوبنا وجماعتنا على كيفيّة دعوة أولئك الذين ليس لديهم خمر، للتقرّب من الربّ، وعلى كيفيّة ملء جرارهم، تمهيدًا لعمل الله من أجلهم.

3.

أنّ النقاش في موضوع العائلات- أيًّا كان نمطها أو واقعها- ينتمي إلى أحاديث العائلة. إذا فصلنا مشاركاتنا في موضوع الأشكال غير التقليديّة للعائلات عن تلك التي تخصّ العائلات التقليديّة، نكون في خطر فقدان الوجهة الصحيحة. إذا كانت الخطابات في العائلة التقليديّة تتجاهل تجارب العائلات غير التقليديّة، تكون تبتعد عن كلّ متكامل. ولكنّنا، كعلمانيّين، نعيش دعوتنا في الواقع الملموس. عندما نتكلّم عن العائلات، نعني الأشخاص وخبراتهم، وحاجتهم إلى الحبّ والانتماء.

4.

بينما نحن ننفتح أكثر في العمق، يمكن أن نكتشف أشياء منسيّة أو حتّى مهملة. في أحيائنا وفي بلادنا، هناك عائلات لا إمكانيّة لديها للوصول إلى حياة كاملة، وذلك في مجتمعاتنا عامّة كما في جماعاتنا المؤمنة، وذلك بسبب حواجز لم نعمل على إسقاطها. قد يكون هذا وضع عائلات قريبة جدًا منّا.

 

شجاعة

-

ماذا فلنا للمسيح في قلب العائلة؟

-

ماذا نفعل للمسيح في قلب العائلة؟

-

ماذا سنفعل للمسيح في قلب العائلة؟

خلال هذه السنة، دعانا قداسة البابا للالتزام مع كنائسنا المحلّيّة في حوار حول 62 مقطعًا صدرت عن السينودوس الاستثنائيّ، في الطريق نحو السينودوس العاديّ، مع الأمل المعلّق في القلب بأنّنا ككنيسة، سوف نجد مواقف رعويّة وتوجّهات أكثر رحمة وحاملة للحياة تجاه كلّ العائلات.

إنّنا ندعو الجماعة العالميّة للانضمام إلى هذا الحجّ مع الكنيسة العالميّة، وللتعاون مع مبادرات وجهود الجماعات الكنسيّة الأخرى، مقدّمين كذبيحة وسائلنا الإغناطيّة لتمييز مواهب الله للعائلة في زمننا الحاضر، ومستفيدين من غنى الآخرين بقدر المستطاع. مع مريم، كما في عرس قانا،  يمكننا أن نقرأ بطريقة مصلّية في الجماعة الخطوط العريضة لسينودوس 2015، ونختار بعناية تلك التي تستدعي مساهمة من قبلنا، "مالئين الجرار" بروح من السخاء والانفتاح لعمل الله. مثل مريم (لوقا19:2)، فلنبحث "مع تمييز روحيّ حقيقيّ، (...) عن حلول ملموسة للصعوبات الكثيرة والتحدّيات العديدة التي على العائلات مواجهتها؛ ولنجد أجوبة للاحباطات العديدة التي تحاصر العائلات وتخنقها".

[1]

نستطيع تقديم مساهمتنا من خلال إجراءات كنيستنا المحلّيّة. نشجّعكم أيضًا على جمع خبراتكم وأفكاركم واقتراحاتكم في الجماعات المحلّيّة والوطنيّة وإرسالها إلى أمانة السرّ العالميّة لجماعة الحياة المسيحيّة. انّ المجلس التنفيذي العالميّ قد كلّف لجنة للعمل على موضوع العائلة؛ ستعمل هذه اللجنة على تقديم مساهماتكم في عمليّة السينودوس. نستطيع أيضًا الإستفادة منها في الأعمال المستقبليّة حول العائلة، كجماعة حجّ مُرسَلة، تبحث عن طرق الله في متاهات الوقائع المختلفة.

صحيح أنّنا لا نملك جوابًا لكلّ شيء؛ يطلب منّا يسوع أن نكون حاضرين وأن نبقى معه في ظلمة نواقصنا. كما يقول البابا فرنسيس

[2]

: "الروح يعطينا الحكمة التي تذهب أبعد من العلم، كي نعمل بسخاء وحرّيّة حقيقيّة وإبداع متواضع".

إنّ دورنا في الرسالة هو قبل كلّ شيء أن نحبّ وأن نصغي بنشاط. انّ العائلات بكلّ أشكالها قادرة على التحدّث باسمها وعلى تبادل الخبرات. عندما نصغي، تصبح خبراتها طريقًا لنا ولها نحو الحقيقة ونحو الفداء. "نطلب أوّلاً من الروح القدس (...) موهبة الإصغاء: الإصغاء إلى الله كي نسمع معه صرخة الشعب ؛ والإصغاء إلى الشعب حتّى نستنشق الإرادة التي يدعونا اليها الله".

[3]

فليكن هذا استعداد قلوبنا. وليساعدنا على تعميق حبّنا وخدمتنا لجميع أشكال العائلات في جماعتنا المحلّيّة والوطنيّة، وفي الجماعة البشريّة بأكملها.

متّحدين في الصلاة وفي الخدمة

ادل شورو Edel Churu ( نائبة الرئيس)، دني دوبلشتاين Denis Dobblestein (مستشار)

مع المجلس التنفيذيّ العالميّ لجماعة الحياة المسيحيّة


[1]

البابا فرنسيس، 18 تشرين الأوّل 2014، خطبة اختتام السينودوس الإستثنائي حول العائلة.

[2]

االبابا فرنسيس، 5 تشرين الأوّل 2014، عظة قدّاس افتتاح السينودوس الأستثنائي للمطارنة حول العائلةا.

[3]

البابا فرنسيس، 4 تشرين الأوّل 2014، كلمته خلال وقفة الصلاة في السينودوس الإستثنائي للأساقفة حول العائلة.