لماذا كل هذا الإلحاح على الرياضة الروحية؟ أو ليست جماعات العلمانيين كـ"رفاق الكرمة" جماعات حياة للرسالة والنشاط؟ ألا يناقض هذا الاتجاه فكرة الرياضة التي هي اختلاء وثبات وركود بل وقود؟ أو ليست جماعات العلمانيين للمشاركة والنقاش، أما الرياضة فأساسها الاعتزال والانفراد والصمت (حتى وقت الأكل)، يعني عكس ما نسعى إليه!
ليست الرياضة الإغناطية على مثال ذلك الراهب المشهور الذي قضى أكثر من سنة يتأمل في تلك الكلمات المعدودة "الكلام من فضة والصمت من ذهب"، ويقتصر أساسًا منهج حياته على الاستمرار في هذه الأعمال الروحية ولا يخرج من الدير إلى الرسالة المباشرة إلا في حالات الضرورة. وفي هذا يختلف تمامًا عن روحانية العلمانيين.
وليست رياضتنا الروحية أيضًا على مثال ما عمله إيليا النبي، عندما تعب من مقاومة الملكة إيزابل، فأراد أن يرتاح للأبد فذهب إلى البرية طالبًا من الله أن يريحه من الحياة فيموت. إلا أن الله قواه، وأشعره بوجوده على شكل نسيم لطيف، فشجعه، وأعاده إلى الرسالة (سفر الملوك الثاني 19/1 – 15). ويدل هذا الموقف على شيء من هدف الرياضة، ألا وهو مقابلة الرب من أجل التجديد وتحسين القيام بالرسالة، ولكننا لا يمكن أن نتجاهل أن إيليا في بدء الأمر كان هاربًا من المسئولية ويائسًا. وعلى كل حال ليست الرياضة هدفًا في ذاتها، بل هي هادفة الحياة، وهادفة التجديد الروحي، في سبيل البحث عن إرادة الله وعن دعوتنا.
وفي الصفحة المخصصة عن الرياضات الروحية في هذا الموقع، نبدأ بمراجعة وجيزة لظروف تكوين فكرة الرياضة عند إغناطيوس، ثم بنظرة في بعض توجيهاته وتنبيهاته في بدء الرياضة، وأخيرًا بذكر أهم أجزاء الرياضة حتى نكتشف من خلال ترتيبها وتنسيقها هدفها الحقيقي، فأهميتها لحياة العلمانيين. يعقب هذا الجزء تقديمًا للنعم التي يدعونا إغناطيوس لطلبها من الله، وهذه النعم هي المفتاح لفهم ديناميكية الرياضة الإغناطية. وننهي محورنا بدراسة للوسائل المستخدمة في الرياضة.