بقلم أماني فوزي
ماذا تفعل عندما تستيقظ في الصباح لتبدأ يومك، وتشعر ان الحزن الذي نمت به ازداد وتمكن منك في ساعات النوم القليلة التي سمحت لك بها نفسك من التعب.
ماذا تفعل لو شعرت بأنك على الرغم من بعدك المكاني عن الأحداث تعيش وكأنك في قلب كل شيء، بل وكأن كل شيء في قلبك.
ماذا تفعل إذا كنت، بسبب بعدك عن المكان، لا تستطيع سوى الصراخ، الصراخ إلى الله، ثم الصراخ على صفحات الشبكات الاجتماعية؟
أن تبحث عن تعزية في كلمات مسجون، مظلوم، لم يرتكب شيئًا سوى أنه وقف بجوار المظلوم ورفض الظلم، لتجد كلماته تملأك رجاءً، رجاء في آخرين تمسكوا هم أيضًا بآدميتهم مثله.
تستيقظ في الصباح وأنت تتمنى أن يكون ما رأيته وسمعته في الأيام السابقة لم يكن سوى كابوساً ولن تجده، فتجد أنك تواجه ابشع منه. تحاول الهروب إلى فكرة أن اليوم سيكون أفضل ولا يمكن للشر الصمود أكثر من ذلك، تجده تفحش بل وبدأ ينشر كذبه، ويجد معاونين له أكثر بكثير.
تهرب وتحاول ألا تتابع ما يحدث وتقول لنفسك الآن سأبتعد، لن يتغير شيء في الساعات التي سأتوقف فيها عن المتابعة، تجد نفسك تبكي وتحزن من أي شيء تتذكره.
تنظر إلى السماء تحاول البحث عن الرجاء في شخصه، تشعر به هو أيضًا حزين: أنا أيضًا تعرضت للظلم والقتل، من أحببتهم وشفيتهم، وأشفقت عليهم، قتلوني. شهدوا ضدي، خاف كل منهم على مصلحته، صدقوا قادتهم الدينيين وحكموا عليّ بالموت، أنا الذي لم أفعل شيئاً سوى أنني أحببت، لماذا تنتظرين من الكثيرين أن يفهموا؟ لن يفهم سوى من عرف الحق، لن يفهم سوى من كره الظلم.
أسترجع أمسية الأمس، السيدة الفاضلة التي تعرضت للإهانة والضرب ومصرّة على الاستمرار في الوقوف مع الشباب الصامد. لماذا؟ أتساءل، ماذا يقولون عن ضرب هذه أيضًا؟ لماذا ذهبت إلى التحرير؟ وكأن خوفنا السابق من كل ضباط الشرطة قبل سقوط الرئيس السابق، أصبح مُركّزًا في مكان واحد اذا ابتعدنا عنه سلمنا جميعًا.
هل هذا هو الواقع؟ هل يمكن للظلم أن يضع لنفسه حدوداً؟؟؟؟ ألن يصل الظلم تدريجيًا إلى داخل البيوت؟
هل يمكن لآدمي أن يسمح أن هناك من يعانون كسورًا وجروحًأ من شدة الضرب ولا يتلقون العلاج؟
هل يمكن لتكرار القتل والسحل والتعذيب والانتهاكات أن يحولها لأشياء عادية ننساها بعد لحظات, لنمارس حياتنا بشكل عادي وطبيعي؟؟؟
لكن ما زال هناك فارق بين أن يصبح ما نراه مصدرًا للحزن على الظلم وبين أن أبرر ما يقع على الآخرين من ظلم وإهانات بأنه واجب لحمايتي وبأنهم يستحقونه؟ فارق كبير ومريع ولا يفعل شيئاً سوى أن يفقد كل منا آدميته، وما خُلق لأجله من أن يكون مسؤولاً عن الأرض وعن سلامها.
أن أسكت وأوافق ولا أعترض على ما يحدث حتى في قلبي يجعلني لا أختلف كثيرًا عن الذين يطلبون حرق الآخرين (مهما كانت اتجاهاتهم) بالنار، من يتساءل إذا كانت ملابس البنت التي سُحلت أرضًا كافية، أم ارتدتها خصيصًا للتصوير، من في يوم من الأيام قالوا عمن سُحلوا في ماسبيرو أنهم كانوا يستحقون ما نالونه.
وكما قالت العزيزة ريم، أرجوكم لا تجعلوا من أمانكم الخاص، وأمان أولادكم سببًا لتفقدوا آدميتكم، وأضيف أنا: سببًا لأن تصلبوه من جديد