بقلم الأب جاك ماسون اليسوعي
من الشائع أنه لا يمكن لأحد أن يعطي لنفسه رسالته الخاصة، فنحن نستقبلها من شخص آخر. " لم تختاروني أنتم، بل أنا اخترتكم، وأقمتكم لتذهبوا فتثمروا ويبقى ثمركم" (يو 16:15).
ولكن كيف تتم الدعوة للرسالة؟ يمكن أن تأخذ الدعوة للرسالة أشكالاً مختلفة؛ من الطلب البسيطالذي قد يُعبر عنه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وحتى تبلور مشروع حياة والرغبة في الالتزام فيه. فالوعي بأننا أمام احتياج يمكن أن يشكل نداءً علينا تلبيته.
و سواء أكنا أمام دعوة لرسالة تشمل الحياة بأسرها – كالزواج مثلاً – أو طلب بسيط من متسول في الشارع، يجب دائماً التمييز لتلبية هذا النداء. وحتى لو لم يكن التمييز في الحال، يجب التفكير فيه في ما بعد: "هل يجب أن أفعل هذا الأمر؟ هل هو ذو فائدة؟ هل هو أمر صالح؟ هل هو في حدود إمكانياتي؟ إن الأسئلة التي قد تُطرَح يمكن أن تكون لا نهائية. إذأً، على أى مبدأ يُبنى التمييز؟
1) الأساس لكل اختيار وكل قرار
يجب أن نتذكر هنا أن هدف الرياضات الروحية للقديس إغناطيوس هو: "ليتغلب الإنسان على نفسه وينظم حياته بدون أن يتخذ قراراً بناءً على كل ميل منحرف" (رر21). والتأمل الأول الذي يقترحه إغناطيوس هو "المبدأ والأساس"، الذي يعبر بوضوح عن غاية وهدف كل إنسان: "خُلق الإنسان ليسبح الله ويكرمه ويخدمه".
إن كل تمييز يجب أن يتوافق مع هذه الغاية ويكون موجهاً صوبها، خوفاً من أن يكون القرار مبنياً على ميل منحرف. يجب أن يكون البحث في كل شيء عن مجد الله الأعظم الذي هو الأساس لكل تمييز، كي يقودنا البحث إلى ما "يزيدنا اهتداءً إلى الغاية التي لأجلها خلقنا".
إن هذه الأولية تساعدنا على ألا نخضع الغاية للوسيلة. يذكرنا القديس إغناطيوس بهذه الأولية في وقت اتخاذ القرار. "فأياً كان اختياري، فلا بد أن يرمي إلى مساعدتي على بلوغ الغاية التي لأجلها يخلقني الله، لا أن ينظم ويخضع الغاية للوسيلة، بل الوسيلة للغاية" (رر169). ويعطي القديس إغناطيوس هنا مثالاً لمن يختار في المقام الأول الزواج، ثم خدمة الله في الزواج في المقام الثاني، "فهؤلاء لا يذهبون رأساً إلى الله، بل يريدون أن يأتي الله رأساً إلى ميولهم المنحرفة، فيجعلون من الغاية وسيلة ومن الوسيلة غاية." (رر169).
2) طرح سؤال واضح وحر
وبعد وضع الأساس، يلزم للاختيار طرح سؤال بسيط مثل: "هل أقوم بهذا الأمر أم لا أقوم به؟". فإن لم يُطرح هذا السؤال على النحو السابق، هناك خطر كبير للتوهان في قائمة من الأسئلة لا حصر لها. إذ يجب الابتعاد عن أسئلة من نوعية "ماذا أفعل؟" أو "ماذا أفعل لكي .....؟"، لأنها تضيع في إجابات لا تُحصى. وفليست الإجابة حتى على سؤال بسيط هي إجابة سهلة، ولكن لا شك أنه ما من إجابة قط إن كان السؤال شديد التعقيد.
ومن المهم أيضاً طرح السؤال في صياغة تبرز "أفضلية" ما: "هل من الأفضل أن أفعل هذا أم لا أفعله؟". ولا يتحتم أن يكون الاختيار "حتمياً" أو "محدِّداً". فالأمر يتعلق بالأفضلية، أي بوضع أولية لما يتيح الوصول على وجه أفضل وأسهل وأكثر فاعلية نحو الغاية المختارة. وإجابة السؤال تنشئ في النفس حَمِيَة وقوة دافعة للقيام بخطوة إلى الأمام، لاختيار حر ملزم.
و يضفي القديس إغناطيوس على الاختيار صفة "الأكثر فائدة"، وصيغة التفضيل هذه لا تعود على مجد الله فهو مطلق. بل على الفعل البشري الذي اُتخِذ قرار بشأنه، فهذا الفعل يظل دائماً نسبي ومحتمل وممكن. ويتحاشى إغناطيوس إضفاء قيمة مطلقة أو نهائية على الاختيار، فهذا قد يحمل على الاعتقاد أن الاختيار يصلح "لكل وقت وكل مكان". وصياغة القرار في عبارات مثل "يتحتم أن...." ، "وهناك ضرورة مُلِزمة لأن..." قد تكون من علامات كبرياء الروح. وعلى العكس، فصياغةً مثل "من الأفضل"، و" يُعد أكثر فائدة أن ..." تحتفظ للقرار بكل خواصه من محدودية واتضاع، فيظل القرار على مستوى الوسائل وينأى به من أن يُعتَبر غاية في حد ذاته.
3) تحليل الوسائل الواقعية لتنفيذ المشروع لبلوغ الغاية
من البديهي لبلوغ هدف ما، اتخاذ الوسائل، "فمن أراد الغاية، أراد الوسائل لتحقيقها". وهناك مثل آخر يكمل المثل السابق، ألا وهو: "الغاية لا تبرر الوسيلة". بما يعني أن لو كان الهدف متوافقاً مع الغاية التي من أجلها خُلقت، يجب أن تكون الوسائل التي اختارها لتحقيقه صالحة. فهناك مشاريع كثيرة تفشل لأن الوسائل المستخدمة في تنفيذها لم تكن متوقعة أو محسوبة، أو لأن الوقت ومراحل التنفيذ لم تكن قد دُرست دراسة جيدةً. هناك أناس كثيرون يريدون اتباع يسوع ولكن قليل منهم هو المستعد لدفع الثمن.
هذه الملاحظات على الوسائل تعني أن السؤال الذي أطرحه على نفسي: "هل أفعل هذا الأمر أم لا؟" يجب أن يكون مصحوباً بالتفكير في الوسائل الضرورية لبلوغ الغاية: "هل سأقوم بهذه الرسالة باستخدام تلك الوسائل وبقضاء هذا الوقت المحدد أم لا؟".
4) حدود منطق "المزايا والمساوئ"، مرحلة ضرورية لكن غير كافية
إن الخطر الذي يهدد الإنسان الذي يهتم بالعمل هو أن يتخذ قراراً مبنياً على ميزان "المزايا والمساوئ" فحسب. إذ يضع المزايا من جهة والمساوئ من جهة أخرى. فيقرر على حسب ثقل وأهمية "الفوائد". أليست هي الطريقة التي يتبعها رجال الأعمال والتجارة والصناعة والسياسة...؟ البحث عن كل ما هو مفيد فحسب، هو أيضاً سلوك كثيراً ما يظهر في الحياة الروحية.
ولكن لا يمكن لقرار مبني على الروح أن يُؤخذ بناءً على معيار الفائدة فحسب. إن هذا المعيار وحده يصلح لقرار إنساني مناسب، ولكن لا يمكن أن يبني دعوة رسولية. لقد سأل غاندي شاباً تقدم له لينضم لرسالته: "هذا الأمر جيد وصالح وأكيد مفيد، ولكن هل أنت من يريده أم أن الله يريده؟". ظل الشاب صامتاً لا يعرف ماذا يجيب، فقال له غاندي: "اذهب، وعندما تجد الإجابة، يمكنك أن تعود". فيعود المعيار الأول للرسالة ألا وهو السعي لمجد الله فحسب.
5) تحليل الحركات الداخلية ونقدها
كان القديس برنار واعظاً عظيماً، يتحرك وراءه حشود من الناس من جميع الأنحاء للاستماع إليه، ولم يخلُ الأمر من شعوره ببعض من الزهو ونوع من المتعة. فما الذي كان يدعو القديس برنار إلى الوعظ؟ أمجد الله أم زهوه الشخصي؟ لم يكن برنار ساذجاً، وهكذا كان يتلو هذه الصلاة قبل كل عظة،: "لا لي يا رب، بل ليكن لك المجد"، ساعياً هكذا إلى تنقية دوافعه.
أمام أي قرار علينا اتخاذه، من المهم أن نطرح على أنفسنا هذه الأسئلة: "ما الذي يحركني ويدفعني نحو هذا القرار؟ ما هي دوافعي الداخلية؟ أرغبتي في العمل؟ أعطشي لتحقيق ذاتي؟ أرغبتي في إضفاء قيمة على نفسي؟ أهروب من مسؤوليات أخرى ثقيلة علىَ؟ أهو إرضاءً للشخص الذي طلب مني؟". لأنه لا يكفي أن يطلب منا أحدهم خدمة ما لكي تصبح هذه دعوة من الله.
هكذا ننتقل من تمييز بالعقل وحده إلى تمييز بالقلب الفهيم حيث يسكن الله. المقصود هنا هو الوصول لعدم الانحياز الذي تحدث عنه القديس إغناطيوس في نص "المبدأ والأساس". وعدم الانحياز هو الرغبة في ما يريده الله فحسب، ويعني البحث قبل كل شيء عن ما هو أكثر فائدة وما يزيدنا اهتداءً إلى الغاية التي لأجلها خُلِقنا: لمجد الله الأعظم. إن عدم الانحياز شرط ضروري لتأكيد كامل حريتنا الداخلية أمام جميع الحركات الأخرى التي يمكن أن تطرأ علينا.
6) مكان الصلاة في التمييز – تعزيات وانقباضات
إذا كنت في التمييز الرسولي، أبحث قبل كل شيء عن مجد الله الأعظم وإرادته، فمن البديهي أن يتم هذا التمييز في جو من الصلاة. إن الإرسال يجب أن يأتي من الله. إن السؤال الذي أطرحه على نفسي يجب أن يكون موجَهاً إلى الله. عندما تساءل القديس إغناطيوس إذا كان من الحكمة أن يجبر الأب فاﭬر على السفر من لشبونة إلى روما رغم علته، وضع كل الجماعة في صلاة لمدة ثلاثة أيام، وقدم القّداس على هذه النية لتمييز "ما هو أكثر فائدة لمجد الله الأعظم".
وفي مثل هذه الصلاة، يوصي القديس إغناطيوس بالانتباه إلى الحركات الداخلية من تعزية وانقباض التي قد تطرأ علينا. ويطلق لفظ "التعزية" أو "الانبساط" على التأثر الباطني الذي يحمل النفس على الاقتراب من الله ويزيد فينا التقوى والمحبة، أما "الانقباض" فيعرفه على أنه كل ما يعارض هذه التقوى والمحبة.
فجميع الاضطرابات والحركات والقلق والخوف والكبرياء ليست من الله. أما السلام والفرح الهادئ والاطمئنان فقد تكون من الله، ولكن ليس حتمياً أنها منه، فالعدو قد يتخفى في ثياب ملاك النور ليخدعنا.
"من عادة العدو إجمالاً أن يعرض الملذات الظاهرة على الذين يسيرون من خطيئة مُميتة إلى خطيئة مُميتة. فهو يحملهم على تصور الملذات الحسية ليزيدهم استمراراً وتوغُلاً في رذائلهم وخطلياهم. مع هؤلاء يتصرف الروح الصالح بعكس ذلك، فهو يُوخِز ويتأكَل ضمائرهم بشريعة الرشد الطبيعية" (رر 314).
"أما الذين يتقدمون تقدُماً حثثاً في تطهير نفوسهم من الخطايا ويرتقون من حسن إلى أحسن في خدمة الله ربنا، فمعاملتهم هي على عكس ما سبق. فمن شأن الروح الشرير أن يلسع ويُحزن ويضع العقبات، مثيراً القلق بدواع كاذبة، ليمنع من السير قُدُماً. ومن شأن الروح الصالح أن يوفر الشجاعة والقوة والانبساط والدموع والإلهامات والراحة، مخففاً ومذللاَ جميع العقبات، للسيرِ قُدُماً في عمل الخير" (رر 315).
والمعيار الأعظم للتعرف على التعزية هو الشعور بالسلام والفرح الذي يعني نهاية الصراع بين القوى المتصارعة وتوحيد القلب وتركيز الرغبة وقوى النفس في اتجاه إنجاز ملموس.
وعلى العكس، يسبب الانقباض فقداناً للمرجعيات ومعايير الحكم على الأمور، ويفكك الشخصية بدون أن يجد المرء طريقه، ويتجه نحو ما هو منحط، نحو القلق والاضطراب والتجارب. والشعور الثاني المسيطر هو الإحساس بالانفصال، مثل يسوع في بستان جيتسماني حيث أحس وحدة مميتة وكأنه منفصل عن الله وعن الآخرين، فالله صامت لا يتكلم.
"إذا وجب علينا في الانقباض ألا نغير مقاصدنا الأولى، فإنه من المفيد أن نغير أنفسنا بعزم أمام هذا الانقباض، وذلك مثلاً بأن نزداد ترسُخاً في الصلاة والتأمل وفحص الضمير الدقيق، وأن نكثر بقدر مناسب من ممارسة أعمال التوبة" (رر319).
ويجب أن يكون للمرء شجاعة التوقف. فيجب أن يستعيد عدم الانحياز في داخله، فيسعى فقط لما هو أكثر فائدة مستعيداً بذلك حريته الداخلية.
إن مجد الله هو الذي سيرجح كفة الميزان في النهاية، فيقود صاحب القرار إلى أن يعلن أمام صليب المسيح قرار مُحب.
يقترح القديس إغناطيوس ثلاثة معايير لاختيار الرسالة. يجب أن نبحث عن خدمة الله العظمى في كل الأشياء، وعند الاختيار بين أمور متساوية، سنختار ما يلبي الاحتياج الأكثر إلحاحاً مثل خدمة من هم أكثر فقراً وأكثر تهميشاً. سنختار كذلك بين الأمور الصالحة ما هي أكثر شمولية، لأنه كلما كانت الخدمة أكثر شمولية كلما كانت إلهية. لذلك فتكوين مربيين يُعد أفضل لأنهم سيفيدون عدداً أكبر من الناس من خلال التكوين الذي حصلوا عليه.
أخيراً، إذا كانت بعض الأفعال لها تأثير أكثر استدامة، أي أكثر ثباتا مع الزمنً، فيجب أن نفضلها عن غيرها ما هي أقل منها استدامة، مثل إيجاد فرصة عمل لفقير بدلاً من إعطائه صدقة‘ أو أيضاً العمل في مؤسسة أفضل من العمل الفردي.
8) كيف نعرف أن القرار نضج؟
متى نعرف أننا وصلنا إلى قرار؟ من الصعب تحديد الزمن. فلنقل ببساطة أن زمن القرار قد بلغ النهاية عندما "تشعر" بذلك. فبعد تجميع المعطيات، والتفكير في المزايا والعيوب، وجعل الغاية الأساسية حاضرة كأولية، وتحليل الحركات الداخلية، سيُكشَف نوعاً من الاحساس الداخلي مصحوباً بشعور من السلام والتأكيد. إن القرار يبلغ نهايته من تلقاء نفسه كثمرة ناضجة تسقط من شجرة.
ومع ذلك فلا نصل إلى هذه النتيجة بسهولة. ولكن يبقى أمر مؤكد: وهو أنه لا يمكن اتخاذ قرار إن استمر المرء متردداً، ومشوشاً، وقلقاً في نفسه، ومن الحكمة حينئذ أن يعلق القرار أو يؤجله. فإن اتخاذ القرار لمجرد الانتهاء منه ولإنهاء حالة من التعب والإعياء لا يمكن أن يؤدي إلا إلى كارثة. فتأجيل القرار ليس فشلاً بل علامة على البصيرة والشجاعة، علامة على أن العمل الذي تم حتى الآن أتى بثمره حتى وإن اختلف عما ننتظره.
9) التثبيت:
"بعد إجراء هذا الاختيار أو هذا القرار يجب على من أجراه أن يبادر إلى الصلاة بحضور الله ربنا، وأن يقدم له هذا الاختيار، لكي تتنازل عزته الإلهية وتقبله وتثبته، إن كان موافقاً لخدمته وتسبيحه الأعظم" (رر 183).
فبالنسبة للقديس إغناطيوس، التثبيت جزء متمم للاختيار. لا يصبح الاختيار لي لكن لله الذي أبحث عن خدمته الأعظم. لذلك أقدم له اختياري ليفعل به ما يشاء: فأنا أبحث عن إرادته لا إرادتي.
إن التثبيت الداخلي يأتي عادةً في وقت القرار نفسه. إنه ذلك الإحساس بالأمان، والسلام الداخلي، والصدق، وفي الوقت ذاته اختبار لنمو الرجاء والمحبة والشجاعة في الإقدام الإبداع تنبع كلها من القرار. تماماً كما يصف القديس بولس علامات روح الله "المحبة والفرح والسلام والصبر والعطف وكرم الأخلاق والإيمان والوداعة والعفاف" (غل 5:22). ولكن من الممكن أن يصاحب كل ذلك إحساس من النفور الذهني أوالحسي، خاصة إن كان القرار يُلزِم المرء في سبيل غير معروف أو وَعِر. ولكن من أُعطيَ القدرة على العمل، يعطى أيضاً القدرة على تحمل ما يتطلبه العمل.
أما التبيت الخارجي، فيأتي عادةً أثناء القيام بالعمل الذي التزم فيه. فنجاح مشروع ما أو عمل رسولي ليست العلامة الوحيدة لأن روح الله يثبت الاختيار. إن معيار مثل "لو الموضوع سار سيراً حسناً فهو من الله، وإذا لم يسر فهو ليس منه" هو معيار سيء. إنه ليس معياراً بالضرورة خاطئ ولكنه غير مكتمل. ذلك لأن فشل المشروع نفسه قد يكون لعدة أسباب: فربما لم تكن الظروف مواتية أو العراقيل أكبر مما توقعت.
يأتي التثبيت الخارجي بالأحرى من خلال استمرار ودوام التثبيت الداخلي، من خلال استمرار الحرية الداخلية ونقاء النية والوحدة مع إرادة الله. بمعنى آخر، إن تمييز الاختيار لا يكون أبداً نهائياً، فهو يبقى تحت الاختبار، ونحن الآن وسنكون للأبد رجال ونساء في سعي لإرادة الله وحدها في كل شيء.