والنور أضاء في الظلمة والظلمة لم تدركه (يوحنا 1)
بقلم أماني فوزي
في مشهدين في فيلم حياة باي، والذي حصل على أفضل إخراج في حفل جوائز أوسكار هذا العام، يتسبب ضوء الشمس بعد العاصفة في فرح شديد وغامر للفتى التائه في وسط المحيط... والذي يبدأ بعد ظهور الضوء في الحديث مع الله، يصرخ بفرح كمن وجد النجاة وكأنه عثر بالفعل على سفينة لتأخذه بعيدًا، تحمله إلي بر الامان. عرف النور وأدركه، أصبح النور مرتبطاً لديه بخالق الكون ونوره. أصبح النور في وسط ظلام الواقع يحمل له الرجاء...
تطاردني اليوم الآية: النور أضاء في الظلمة والظلمة لم تدركه
عندما نتحدث عن اليأس نتذكر على الفور عبارات مثل: بدلاً من أن تلعن الظلام أضئ شمعة
ونقول إن الشمعة تضيء الظلمة وتقضي عليها، على الرغم من ضعف ضوئها إلا أنها تمحو الظلام.
كيف إذن أضاء النور في الظلمة والظلمة لم تدركه، كيف لا تدرك الظلمة وجود النور، على الرغم من أننا نعرف أن أي نور في الظلام يضيء ويصنع فارقاً.
أتى يسوع ورأوا كيف كان وكيف كان يجول يصنع خيرًا
أتى يسوع وديعًا محبًا، داعيًا للحق، يشفق على المساكين والفقراء
أتى يسوع حاملاً الخلاص والرجاء
أتى يسوع وأحب الناس جميعًا
لم يعرفوه، بل كرهوه وصلبوه...
لم يروا النور، لم يدركوا من هو...
هل رفضوا النور أم أنهم لم يدركوا أنه هو النور؟
طلب يسوع لهم المغفرة إذ أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون!
هل نعلم نحن دائمًا ماذا نفعل؟ هل يظهر النور أحيانًا في محاولة لأن يضيء الأجزاء المظلمة في حياتنا ولا ندرك هذا، ونبتعد.
لماذا؟ لأننا لا نريد أن نعترف أن فينا ظلام؟
لا ندرك النور عندما "نصاب بالعمى" (مت 23: 16).
لا ندرك النور عندما "نرفض في أعماقنا أننا يمكن أن نخطىء"
لا ندرك النور عندما "نتشبث بأفكارنا، لا نسمح بأي مراجعة لتلك الأفكار وننكر عطية العقل التي وهبنا الله إياها والقدرة على مسائلة الأشياء"
لا ندرك النور عندما "نغلق القلب والعين والأذن ونحتمي بالأسوار العالية والجدران والأسقف ونعيش داخل حصوننا المنيعة، ننيرها نحن بوسائل اصطناعية"
لا ندرك النور عندما "نرفض أننا بحاجة إليه، ونكمل ما نعيشه، ونرفض فكرة التغيير والبحث، حيث أن ما لدي من نور (غير حقيقي) مريح ولا يتطلب الكثير"
النور يضيء في الظلمة... حقيقة لابد أننا جميعًا نعرفها وربما نرددها كثيرًا جدًا
الظلمة لم تدركه... حقيقة أيضًا نتعامل معها بإنكار، نومئ بالأصبع إلى آخرين على أنهم يعيشونها ولا ندرك أنه ربما نحن أيضًا نعاني منها... نرفض لسبب أو لآخر أن يضيء النور لكي لا نفاجأ بالظلمة التي توجد بالفعل بداخلنا، أو لأننا نرفض أن نرى ما سيظهره النور!!! فنحاول نحن بدورنا إنكار وجودها... فلا نعرف عنها، ولا نغيرها...
أغمض عيني فأرى نورًا، نورًا يكشف خبايا أعماق تحتاج إلى نور ... تحتاج إلى دفء محبة وغفران ... تحتاج إلى نعمة وتغيير
يبدأ الكشف وتعقبه الاعترافات ...
يبدأ النور في إبعاد الظلام، وتدخل معه النعمة فأطمئن
يحيط النور بي آتياً من الخارج، فالشمس ساطعة...
أغمض عيني مرة أخرى وأطلب من مصدر كل نور أن ينير ظلام قلبي وظلام القلوب
وأن يسمح للظلمة بأن تدركه