بقلم الأب أوليفر برج – أوليفييه اليسوعي
في بداية سلسلة مقالات عن علم النفس، أود أن أبدأ بمقال عن اللاوعي، تلك القدرة المدهشة للعقل البشري. وسأحاول بادئ ذي بدء أن أصف اللاوعي، ثم أبينّ كيف يمكننا أن نتصل به.
قد نظن العقل الواعي والعقل اللاواعي جزأين منفصلين، لأنهما أحياناً ما يعملان كل على حدى. ولكني أفضل أن أتصورّ العقل وحدة واحدة لا تتجزأ، وإن كانت له وظيفتان – وظيفة واعية وأخرى لا واعية – تعملان معاً، وتكون القيادة لواحدة منهما على حسب نوع العمل المطلوب. وما هذا الكلام إلا تمثيلاً لعمل العقل البشري، فما زال العقل – رغم تقدم العلوم الحديثة – لغزاً لم يحلّ. وما يهمنا في هذا المقال هو تحديد عمل اللاوعي لا شرح كيفية عمله.
إن اللاوعي يعمل بلا انقطاع في مهام متعددة وحيوية، رغم أن انتباهنا ينصب في غالبية الوقت على ما يقوم به العقل الواعي. فقد تركزت معظم تربيّتنا على تنمية العقل الواعي. ولكننا – بقدر ما ندرك أهمية اللاوعي وضرورته – ننفتح على إمكانات كثيرة لاستخدام قدراته، وقد تصبح الحياة أكثر إبداعاً وإنتاجاً إذا ما عرفنا كيف نستخدم اللاوعي استخداماً أكثر فعّالية.
العقل الواعي:
يمكن أن نحدد وظائف العقل الواعي على النحو التالي:
1- الاستدلال المنطقي والتفكير والتخطيط والتأمل والحساب،
2- الوعي بسلوكنا وأحاسيسنا ومواقفنا وحاجاتنا وقيّمنا ودوافعنا،
3- اتخاذ القرارات والتخيّل والتذكّر.
إن العقل الواعي يعمل كلما قمنا بعمل إرادي بانتباه. فمثلاً، يعمل العقل الواعي عندما أعي تصرفاتي (وهو ما نسميه: السلوك): كأن أكتب أو أغني أو أجري... وأعي لماذا أتصرف هكذا (الدوافع): لأبعث برسالة لصديقي أو لأعبر عن سعادتي أو لألحق بالأتوبيس... ونحن عادة ما ننتبه لمواقفنا بما فيها من حاجات وقيم. وكذلك لأحاسيسنا أو على الأقل لما يظهر منها على السطح، إذ قد يكون هناك مشاعر دفينة تعمل فينا ولكننا لا ننتبه إليها.
لدينا إذاً خليط من الدوافع والقيم والحاجات والمشاعر، بعضها ينتمي إلى الوعي والبعض الآخر إلى اللاوعي. فقد نقدّم خدمة مقتنعين بأننا نفعل ذلك بدافع محبة الآخرين، بينما ما يحركنا حقاً في أعمق أعماقنا هو احتياج إلى أن نشعر بأن الآخرين يحتاجون إلينا وبأنهم يقبلوننا.
اللاوعي:
ويمكن أن نحدد وظائف اللاوعي كالآتي:
1- الأحلام وأحلام اليقظة والتخيلات والتشتت، وسنعود إلى هذه النقطة بالتوضيح في ما بعد،
2- السلوك اللا إرادي أو المعتاد.
ومن فضل الله، أننا يمكن أن نقوم بكثير من الأشياء بدون الحاجة إلى التفكير فيها بوعي، ومنها الخياطة وشغل الإبرة (التريكو) والكتابة على الكمبيوتر... إلخ، وكل مهارة جسمانية أياً كانت. وإن هذا السلوك المعتاد يتحكم فيه اللاوعي.
وهناك أيضاً السلوك اللا إرادي، وفؤائده عديدة كالرغبة الصادقة في مساعدة الآخرين أو الحفاظ على نظافة المكان وترتيبه أو النظر يميناً ويساراًعند عبور الشارع... ونحن غالباً ما لا نحتاج إلى التفكير الواعي لنقوم بهذه الأشياء بل نقوم بها آلياً بـ"لاوعي".
ولكن هناك سلوكيات لا إرادية ضارة أو "عصابية"، مثلاً: الحاجة إلى غسل أيدينا باستمرار، التأكد عدة مرات من غلق الأبواب والشبابيك... إلخ، وغيرها من سلوكيات الرغبة المرضية في الكمال.
في هذه السلوكيات – الضارة والنافعة على السواء – لا نفكر كثيراً ونكاد لا نعي ما نفعل، ومن لديهم هذه السلوكيات اللاإرادية يشعرون بضيق شديد لو لم يتح لهم أن يمارسوا هذه "الطقوس"!
3- الأحاسيس، وخصوصاً تلك التي نصفها بالسلبية كالغضب والخوف والقلق والذنب.
وحتى إن انتبهنا إلى هذه الإحاسيس فنحن غالباً ما لا نعي مصدرها أو سببها، فمنبعها من اللاوعي. وبعض الأحاسيس السلبية يمكن أن تتحول إلى أحاسيس لا إرادية مثل الشعور بالذنب أو بالدونية (النقص).
4- المواقف الداخلية (المعتقدات والأحكام المسبقة والأفكار) تجاه الله أو أنفسنا (صورة الذات) أو تجاه الآخرين أو الأشياء أو الأحداث، مثلاً الأحكام المسبقة في ما يتعلق بالانتماء العرقي أو الديني أو حتى الاعتقاد في الحسد...
إن غالبية مواقفنا الداخلية المؤثرة على أحاسيسنا وسلوكياتنا لاواعية، فنحن لا نكتشف أن هناك خللاً ما في أسلوب تفكيرنا إلا حين نكتشف خللاً في أحاسيسنا أو تصرفاتنا أو طريقة عملنا.
5- الحاجات والقيم
تتشكل الحاجات والقيم بواسطة الأساسية في مواجهة ما نظن أننا نحتاج إليه أو أنه مهم لدينا، وكثيراً ما نعي ذلك فنعرف ما نريد وما نحتاج إليه ونعرف أيضاً ما هو مهم لدينا. وتنشأ بعض هذه القيم والحاجات من تفكيرنا واختياراتنا الواعية، وهذا النوع يمكن أن نتحكم فيه ونغيّره إن شئنا ومتى شئنا، لأنه لا يضرب بجذور عميقاً كما تفعل الحاجات والقيم اللاواعية.
ولكن بعض مواقفنا الأساسية تشكلت في اللاوعي عن طريق ملاحظتنا لسلوك أشخاص آخرين مهمين لنا أو بواسطة التربية التي تلقيناها أو من خلال خبرات طفولتنا، وتؤثر هذه الحاجات والقيم اللاواعية على حياتنا.
فإن كانت بعض هذه الحاجات ضارة أو بعض القيم خاطئة، فسيتطلب منا الأمر بذل جهود كبيرة لتغييرها، لأنها متأصلة تأصلاً أعمق من حاجاتنا وقيمنا الواعية.
6- الدوافع
غالباً ما تختلط دوافعنا: بين دوافع صالحة وأخرى طالحة، بين دوافع واعية وأخرى غير واعية. ويكتب القديس بولس عن هذه الخبرة: "حقاً لا أدري ما أفعل، فالذي أريده لا أفعله، وأما الذي أكرهه فإياه أفعل" (رو 7/15)، فقد عانى من صعوبة في فهم سلوكه الشخصي. ونود لو نقنع أنفسنا بأننا نعمل بموجب دوافع حسنة مثل مجد الله أو محبة القريب أو حتى رغبة صحية في تحقيق الذات. ولكننا قد نتأثر – بلاوعي منا – بفيض من الدوافع "السلبية".
فقد نتصرف بدافع من الغضب أو الخوف أو "بالمفروض يتعمل كده"، قد نتصرف بدوافع أنانية مثل البحث المَرَضِي عن رضا الآخرين وعن تقديرهم. إن هذه الدوافع تكمن دائماً في اللاوعي.
7- الأنشطة الإبداعية
للمبدعين مواهب وإمكانات خاصة طبيعية، وقد تكمن موهبتهم العظمى في أنهم يتيحون للاوعيهم أن يعمل في مجال إبداعهم. وهكذا يترك الموسيقار الموسيقى تصعد من أعماقه إلى عقله معبّرة عن صميم كيانه، ولن يهتم – وقت إبداعه لبوادر لحنه – بتقبل المستمعين لموسيقاه، بل يتيح لعقله اللاواعي أن يطفو إلى السطح وينطلق ويعبر عن ذاته.
8- التحكم في العلميات الحيوية (الفيسيولوجية) للجسد
يتحكم اللاوعي في وظائف جميع أعضاء جسدنا، مثل التنفس وإفراز الإنزيمات للهضم وحركة عضلات الرجل عند المشي، ويستطيع أي إنسان أن يغير في وظائف جسمه التي يسهل التحكم فيها كالتنفس مثلاً. بل يقال إن بعض المتمرسين في اليوجا يستطيعون التحكم في ضربات القلب وضغط الدم ودرجة حرارة الجسم... وهم يقومون بذلك بواسطة العقل اللاوعي عن طريق الإيحاء والخيال، ونعرف كلنا كيف أن إرادة الشفاء عنصر هام في سبيل الشفاء الكامل.
كيف نتصل بعقلنا اللاواعي ؟
1- عن طريق أفكار واعية
إن الأفكار الواعية أوامر ينفذها اللاوعي بدون مناقشة، فهو خادم مطيع للعقل الواعي، ويستطيع العقل الواعي أن يوحي للاّوعي. ومن المهم أن نُصدرِ هذه الإيحاءات عندما نكون في حالة استرخاء وراحة، وأفضل وقت لذلك هو قبل النوم مباشرة، ليتاح للاّوعي فرصة أن يهضمها أثناء النوم. وهو ما يسمى أحياناً "قوة الإيحاء" أو "قوة التفكير الإيجابي".
واللاوعي هو سر هذه القوة التي يمكن أن تعمل في صالحنا إن آمننا بقوتها إيماناً راسخاً. ولكن اللاوعي غالباً ما يتعرض لإيحاءات سلبية من خلال ما يقوله الآخرون أو ما نوسوسه لأنفسنا. فالرسائل التي بثها إلينا والدانا في طفولتنا الأولى – سلبية كانت أم إيجابية – يمتد تأثيرها على تفكيرنا ثم على أحاسيسنا ثم على سلوكنا سلباً أو إيجاباً.
إن هذه الرسائل تؤثر تأثيراً حاسماً في تكوين مواقفنا، وخاصة مواقفنا تجاه أنفسنا وصورتنا عن ذواتنا. ولذلك علينا أن نحرص على الحديث بطريقة إيجابية، أي بتقدير وتشجيع، وبصفة خاصة حين نحدث أطفالاً لأنهم الأكثر عرضة للتأثر بما نقوله.
2- عن طريق الخيال في الأحلام وأحلام اليقظة والتخيلات والتشتت
أ) الأحلام
لا تحمل الأشياء التي قد نراها في الأحلام معنى رمزياً حتماً، فالصخرة قد لا تعني إلا أنها صخرة، وأمي هي أمي، وركوب الطائرة هو ركوب الطائرة، ولكن هذه الأشياء نفسها قد تكون رمزاً إما لشيء آخر أو لجزء من شخصيتنا.
ومن الخطأ أن تفسر أحلام شخص آخر، لأن ما رآه في حلمه لا يعرف تفسيره سواه، فما رآه في أحلامه أتي من عقله اللاواعي وتأثر بخبراته.
ولكن يمكننا أن نفسر أحلامنا بسهولة. وإن تعسّر تفسيرنا وغَمُضَ علينا معناها، يمكن أن نطلب العون من اللاوعي. ولكن ليس من المهم تفسير جميع أحلامنا، فليس كل ما نراه في الأحلام هاماً. وسنشرح في ختام مقالنا كيف نتعامل مع الأحلام.
ب) أحلام اليقظة
تنشأ أحلام اليقظة – شأنها شأن أحلام النوم – من اللاوعي، ولكن ينشأ بعضها من العقل الواعي: فإن رأينا في أحلام اليقظة أو في الحلم بعضاً مما عشناه بالفعل، كبيت ما أو شخص ما، فقد يكون ذلك ناشئاً من العقل الواعي، أما إن كان حدثاً لم نعشه أو هو خليط من خبرات سابقة مختلفة فهذا وليد اللاوعي.
وغالباً ما تنشأ أحلام اليقظة من حاجة لم تُلبَّ: فمثلاً إن احتاج شخص – أو ظن أنه بحاجة – إلى مزيد من التقدير، سيرى نفسه بطلاً منقذاً للبشرية يتلقى التهاني من الجميع. وتأتي هذه الأحلام لتلبية حاجاتنا الحقيقية أو الوهمية. وعندما يحدث هذا يمكن أن نشكر لاوعينا على كشفه لنا عن حاجاتنا الخفية.
وقد يبدو لنا مريحاً ومبهجاً أن يتاح لنا الغوص في بحار أحلام اليقظة، شانها شأن الاستماع إلى الموسيقى أو اللعب أو مشاهدة التليفزيون أو الخروج في نزهة إلى الخلاء.
ولكن إن كنا نحتاج إلى أن نمضي وقتاً طويلاً في أحلام يقظة كهذه، فقد يكون ذلك مؤشراً لوجود خلل ما. وربما يعني هذا أننا "عصابيون(1)" إلى حد ما ؟ نعم فكلنا عصابيون! وما أحزن العالم وما أقربه إلى الرتابة والملل لو كنا "طبيعيين" كلنا! ومع ذلك فالمبالغة خطرة، فقد نصبح حينئذ ذهانيين (2). ويقال إن الفرق بين "العصابي" و"الذهاني" هو أن الأول يبني القصور على الرمال أما الثاني فيسكن فيها، ولا شك أن طبيب الأمراض النفسية هو مقاول البناء الذي يحقق المكاسب الطائلة!
ج) التخيّل
إن الأحلام وأحلام اليقظة نوع من التخيّل التلقائي، أما تدريبات التخيّل، أو كما نطلق عليها "التخيّل الموجّه"، فهي أكثر إرادة ووعياً من الأحلام. ويمكن التأمل بواسطة التخيّل الموجّه: فأتخيّل نفسي ماشياً في غابة، فألاحظ طبيعة الطريق الذي أسير عليه، ثم ألتقي بإنسان حكيم يسدي لي النصح... والطريقة التي يختبر بها كل شخص هذا التدريب شخصية جداً وغاية في التلقائية حتى وإن كانت التعليمات الموجهة هي واحدة لجميع من يقومون بالتدريب.
ومن المهم ألا نسعى إلى التحكم في ما يمر بخيالنا، لأن تحكّم كهذا يحد التجربة بحدود العقل الواعي، بل علينا أن نترك العنان للاوعي ونستقبل ما "نراه" كما يأتي. ويتشابه تفسير الأشياء في التخيّل الموجّه مع تفسيرها في الحلم. وقد يكون لنصيحة الحكيم معنى واضح وظاهر، ولكن قد تكون هناك أشياء خفية ورمزية ويجب علينا أن نفحصها ونفسرها.
هناك طرق عديدة لاستخدام الخيال في الصلاة، مثل مشاهدة مشهد من الإنجيل نتخيل فيه الحدث كمتفرجين عاديين أو مشاركين فيه كأحد شخصيات المشهد، ويمكننا أيضاً أن نقوم بـ"تصور للمكان" الذي نود أن نلتقي فيه بالرب، أو نعيش نص شفاء في الكتاب المقدس شاعرين – بواسطة التخيّل الموجّه – بهذا الشفاء فينا...
إن هذا التخيل أو الخيال لا يعني "اللا حقيقة"، فقد يكون "ما نتخيله" غير حقيقي، ولكن المكان الذي أتخيله مكان حقيقي، والحدث الذي أراه في مخيلتي حدث حقيقي، وشعوري أثناءه شعور حقيقي على الأقل بالنسبة إلىّ، فالخبرة في حد ذاتها حقيقية.
ولنضرب مثالاً توضيحياً: أنا أخاف الثعابين، مثلي مثل غالبية الناس، وسأرتعد رعباً لو حدث وشاهدت ثعباناً حياً أمامي. فإن خرجت لنزهة في حديقة ورأيت "ثعباناً"، ليس في الواقع إلا فرع شجرة يابس، فسأرتعد خوفاً بلا شك، فجهازنا العصبي – وأحاسيسنا أيضاً – لا يميّز بين ما هو حقيقي وما هو خيالي. ولذا فالكثير من مخاوفنا وقلقنا يخلقها أو يضخمها خيالنا فيصعب أن نتحكم فيها، إذ ينشئ هذا الخيال جميع أنواع الصور التي تولد القلق والارتباك.
ولكن التخيل يمكن أن يساعدنا على أن ندخل إلى عمق الحقيقة بأن يقودنا إلى صميم أعماقنا، وإلى حيث لا يقدر العقل الواعي على أن يقودنا. إن الخيال – كما يظهر في الأحلام وأحلام اليقظة والتخيلات – يساعدنا على الاتصال بـ"كياننا الداخلي"، بـ"قلب كياننا"، بـ"حكمتنا الباطنية"... وهي كلها تعبيرات مختلفة عن وظائف اللاوعي.
د) التشتت
إن التشتتات الناشئة عن عدم تركيز العقل لا أهمية لها. اما تلك التي تأتي مراراً وتكراراً والتي تجعلنا نضطرب أو تربكنا، فهي من اللاوعي، وهي مؤشر على وجود خلل يستلزم انتباهنا. يقال إننا "نصلي كما نعيش"، فإن كان هناك خلل ما أعيشه فسيظهر تأثيره على صلاتي. وبالطبع قد تأتي هذه التشتتات في أي وقت، ولكن ما أسهل أن تأتي في وقت الصلاة عندما لا يكون عقلنا منشغلاً بأشياء أخرى.
ونختم مقالنا ببعض التدريبات
تدريبات
1- اسأل كيانك الداخلي
من المهم أن تؤمن بأن عقلك اللاواعي يملك إجابة أو إجابات عن أسئلتك وبأنه يريد أن يساعدك وينيرك. ومن البديهي أن تتعلق هذه الأسئلة بك وأن تهمك. قد تكون أسئلة عملية: "أين وضعت الكتاب (الذي فقدته)؟" أو "أي نص إنجيلي يتناسب مع العيد الذي نحتفل به؟" وقد تكون أيضاً أسئلة أكثر أهمية مثل "كيف أصبح عضواً أفضل في الجماعة؟" "ماذا أفعل لأصبح إنسان صلاة على وجه أفضل؟" يمكن أن نطرح مثل هذه الأسئلة على يسوع في صلاتنا.
ولكن حذار! فما أسهل أن نجعل اللاوعي يردد ما نريد منه أن يقوله، وما أسهل أن نضع كلماتنا على لسان الرب. فإن قررنا مسبقاً ما هي الإجابة "النموذجية"، فلن نسمع غيرها وقد لا نسمع الإجابة "الحقيقية" قط. قد يحدث بالطبع أن تتطابق إجابتنا و"الإجابة الحقيقية"، ولكن كيف يتسنى لي أن أختبر هذا التطابق إن سألت مخيّلتي بعد أن اتخذت قراري بالفعل؟ إن أهم شرط قبل أن أطرح السؤال على كياني الداخلي، وقبل أن أميّز إرادة الله عليّ، هو أن يكون عقلي منفتحاً وأن أكون حرّاً حرية داخلية. قد تأتي الإجابة من اللاوعي في أي وقت. في وقت طرحي للسؤال أو بعده، أو في وقت لا أتوقعه إطلاقاً وقد تأتي الإجابة على صورة حلم أو فكرة أو صورة أو إحساس.
وإن جاءتنا إجابة ننتظر عادة أن تتبعها الإجابات الأخرى، وقد لا يحدث ذلك. وفي جميع الأحوال، علينا أن نشكر لاوعينا على مساعدته لنا، وعلينا أن نشكر الرب أيضاً على كل إجابة توصلنا إليه.
2- فسّر أحلامك
استرخ أولاً ثم حاول أن تعيش الحلم مرة ثانية متذكراً أكبر قدر من التفاصيل. صف الحلم مستخدماً ضمير المتكلم وفي صيغة المضارع، أي "أنا أسير على شاطئ البحر...". وإذ تعيش الحلم مرة ثانية، قد تكتشف معنى بعض الأشياء. وإن لم تستطع ذلك فامضِ بعض الوقت في مشاهدة التفاصيل المختلفة التي تراها مهمة، واطرح مثل هذه الأسئلة على لاوعيك: "ما معنى هذه التفاصيل لديّ؟ عندما أفكر في هذا الشيء أو أراه ما الذي يأتي تلقائياً على بالي؟..." واكتب كل ما يأتي كإجابة على مثل هذه الأسئلة. واستمر في محاولة تفسير أحلامك، فالمهم هو الصبر إن لم تأتّ إجابات الأسئلة سريعاً!
قد يرمز شيء في الأحلام إلى جزء من شخصيتك أو على الأقل إلى شيء يخصك في هذه الحالة، صف نفسك كما ترى هذا الشيء، مثلاً: إن رأيت بيتاً في الحلم ، صف نفسك كما تراه. "أنا بيت، أنا بيت واسع فسيح، وأعطي إحساساً بالأمان والحماية لمن يأتون إليّ. بعض نوافذي مفتوحة على مصراعيها، فأنا منفتح على الآخرين وعلى الخبرات الجديدة. ولكن نوافذ اخرى مغلقة، فأنا أعاني صعوبة من تقبل بعض الخبرات الجديدة، وأخاف وأنغلق على نفسي".
(1) العصابي Nevrotic: يتسم بالقلق والعجز عن العمل على مستوى القدرة الفعلية، ولديه أشكال من السلوك جامدة ومتكررة، ويتسم بالتمركز حول الذات، والحساسية الزائدة، وعدم النضج، والشكاوي الجسمية، والتعاسة، والدوافع اللاشعورية.
(2) الذهاني Psychic: الذهاني مريض بمرض عقلي ولا يعرف أنه مريض، ويفشل في اختبارات الواقع. هناك ثلاثة أنواع من الذهان الوظيفي: الفصام، والذهاني الهوسي الاكتئابي والهذاء.